عندما يولد المولود ويخرج إلى هذه الحياة ، تكون عيناه مغلقتين لفترة بسيطة ، يكون حينها لا يرى سوى السواد القاتم ولا يسمع سوى ذبذبات ودقات قلب أمه ، لا يشعر بمن حوله ، فيبدأ بالبكاء والبكاء !!
حينما يفتح عينيه وتظهر له الألوان والأضواء ويرى والدته تحتضنه ووالده يداعبه ، ويرى كل من يحبونه حوله تبدأ عيناه بملاحقة الأشياء ، تبدأ عيناه بالتحديق بالناس قد لا يعي حينها أن من ينظرون إليه هم أهله ، ولكن ترى في عينيه بريق وفي شفتيه كلمات لا يستطيع صاحب الشهور في نطقها !
بعد سنوات يبدأ هذا الطفل بنطق بعض الكلمات وعادة ما تكون أول كلمتين ينطقهما ، هما بابا ، ماما ، يكبر الطفل ويشتد عوده ويمشي على قدميه ويفكر ويحدق ويسأل والأهم من ذلك يشعر ، هذا الذي كان في يوم من الأيام طفلاً صغيراً هاهو اليوم يعي كل ما حوله ، ويسأل عن كل شي ، ويشعر بمشاعر عديدة ، فيشعر أن هناك أناس معينين ترتاح لها نفسه ، فيخطو خطواته شيئاً فشيئاً ، ويقرب أذنه من الباب الذي يحتضن وراءه الناس الذين قربهم من نفسه ليعلم ما يتحدثون عنه وكيف يتحدثون وكيف يتعلمون ، وكيف يشعرون ، وكيف وكيف وكيف ...! ليصبح هو حينها مثل من أعدهم أقرباء لذاته ، نور يستدل به للطريق ، نصيحة يلتهمها التهاماً من هؤلاء الذين قربهم لفؤاده وجعلهم في مكانة عالية ، تصبح أمانيهم وأحلامهم أجمل وأزهى ، ويصبح التحقيق اقرب إليه من مجرد أتمنى ويا ليت وأريد .... !
هؤلاء الأقرباء هم من جعلونا نرى أنفسنا في هذا العالم ونكتشف ما بذواتنا البشرية ، فصرنا قاب قوسين من تحقيق الأحلام ، وصرنا بين مطرقة أن نكون وسنديان أن نسعى ، هذا هو الطفل الذي كان في يوم من الأيام مغلق العينين وأصبح النور الآن يملأ مقلتيه ، هذا المولود هو( ....... ) ، وربما يكون أي قاريء لهذه السطور أو أي شخص في هذا العالم وجد من يساعده على فتح عينيه ليرى هذا العالم بكل ما فيه ، هذا المولود سيكون محظوظاً لو وجد أشخاص أقل ما أسميهم بأنهم جواهر ثمينة ، فليحافظ على هذه الجواهر ألا تضيع أو تتلف ،،، أحب أن أقول أن من يقرأ حروفي هذه الآن قد يكون أحد الجواهر الثمينة التي يبحث عنها كل مولود ، ويافع ، وشاب ، ومسن ....... أتمنى أن تُحفظ هذه الجواهر وأن يدوم بريقها لكل من يحتاج إلى نور يهتدي به.
شكراً لكم أيها الجنود المجهولون ، يا من تفتحون أعيننا على عالم الإبداع والطموح وتساهمون في جعلنا أكثر ثقة بذواتنا وأكثر رقي فكرياً وأدبياً وثقافياً .